الأسواق العالمية: ارتفاع الذهب والسلع وسط تحركات الفيدرالي وتوترات جيوسياسية – تباين الأسهم والدولار يحدّد اتجاهات قصيرة الأجل

فيجاي فاليشا – الرئيس التنفيذي للاستثمار في “سنشري فاينانشال”
الأسواق الأميركية
تراجعت الأسهم الأميركية يوم الثلاثاء، حيث انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (S&P 500) بنسبة 0.6% ليكسر سلسلة مكاسب استمرت ثلاثة أيام بعد أن لامس مستويات قياسية خلال الجلسة. كما فقد مؤشر ناسداك 100 نحو 0.7% متأثراً بهبوط سهم إنفيديا بنسبة 2.8% عقب إعلان استثماراتها في أوبن إيه آي، والتي أثارت تساؤلات بشأن قيود الطاقة وشراكات تمويلية معقدة.
جاء التراجع وسط تصريحات حذرة من رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الذي شدد على ضرورة الموازنة بين مخاطر التضخم وضعف سوق العمل في قرارات الفائدة المقبلة.
ورغم هذا التوقف، لا يزال الاتجاه الصاعد مدفوعاً بقطاع الذكاء الاصطناعي قائماً، إذ سجل ستاندرد آند بورز 500 مكاسب بـ3.4% منذ بداية سبتمبر. ومع ذلك، بدأت علامات المبالغة تظهر، إذ ارتفع المؤشر مع مؤشر التقلب VIX معاً في ظاهرة نادرة تعرف بـ Spot up, Vol up، تعكس ضغوطاً متزايدة على مراكز المستثمرين. كما سجلت أحجام تداول الخيارات الفردية على الأسهم مستويات قياسية الأسبوع الماضي، خصوصاً على أسهم الذكاء الاصطناعي، مما غذّى استراتيجيات مكتظة كـ”التشتت” (Dispersion)، أي بيع تقلب المؤشر وشراء تقلب الأسهم الفردية. نجاح هذه الاستراتيجية استند إلى تراجع الترابط بين الأسهم إلى مستويات شبه معدومة، لكن فعاليتها قد تنخفض إذا عادت الترابطات للارتفاع.
على الصعيد الكلي، أظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات الأميركية تراجعاً طفيفاً، مع استمرار ضغوط أسعار المدخلات وضعف أسعار المخرجات، ما يبرز مخاطر على هوامش الأرباح إذا عجزت الشركات عن تمرير التكاليف.
فنياً، لا يزال ستاندرد آند بورز 500 في اتجاه صاعد، محافظاً على تداولاته فوق المتوسطات المتحركة القصيرة. وعلى الرسم البياني 4 ساعات، شكل نموذج “نجمة المساء” تراجعاً محدوداً، لكن الأسعار وجدت دعماً عند 6,645 من خط اتجاه صاعد منذ أوائل سبتمبر، فيما تظهر المقاومة عند 6,675 (قمة الأسبوع الماضي).
مؤشر الدولار الأميركي
استقر المؤشر أمس، لكنه ارتفع اليوم بنسبة 0.25% ليتداول عند 97.47.
أكد جيروم باول في خطابه على “مخاطر مزدوجة” تواجه الفيدرالي: ضغوط تضخمية صاعدة مقابل ضعف التوظيف، واصفاً الوضع بـ”المعقد”، ونافياً أي تحيز سياسي. أشار أيضاً إلى أن الرسوم الجمركية قد تكون مؤقتة لكنها قد تدوم أطول مما هو متوقع. ولم يعطِ باول أي إشارات واضحة بشأن خفض محتمل في أكتوبر، متمسكاً بنهج حذر يعتمد على البيانات، وسط انقسام داخلي في الفيدرالي.
جاءت بيانات مؤشر مديري المشتريات لشهر سبتمبر أضعف من التوقعات، مما يعكس تباطؤاً في النمو. وتتجه الأنظار إلى بيانات الناتج المحلي الإجمالي (GDP) وطلبات إعانة البطالة الخميس، يليها تقرير الإنفاق الاستهلاكي الشخصي يوم الجمعة، باعتباره المؤشر المفضل لسياسة الفيدرالي.
حالياً، تُظهر أداة CME FedWatch احتمالية 93% لخفض الفائدة في أكتوبر، و80% لخفض إضافي بمقدار 50 نقطة أساس بحلول ديسمبر.
فنياً، وجد مؤشر الدولار دعماً عند خط اتجاه طويل الأجل قرب 96.232 ثم ارتفع تدريجياً، لكن الزخم الصاعد محدود بفعل خط اتجاه هابط من قمم أغسطس. المقاومة الفورية عند 97.638 (متوسط 21 يوماً)، تليها 97.721 (متوسط 50 يوماً). بينما يقع الدعم عند قاع الاثنين 97.221، مع مستوى 97.00 كمستوى نفسي محوري.
أما زوج اليورو/دولار (EUR/USD) فيتراجع بشكل طفيف لكنه يحتفظ بنبرة إيجابية أعلى المتوسطات الرئيسية. الدعم الأبرز عند 1.1744 (متوسط 21 يوماً)، والمقاومة عند 1.1818 ثم 1.1847. المؤشرات الفنية (RSI وMACD) تشير إلى اتجاه صاعد مستمر إذا حافظ السعر على مستويات الدعم.
النفط الخام
ارتفعت أسعار خام غرب تكساس (WTI) بنسبة 2.10% يوم الثلاثاء، منهية سلسلة خسائر استمرت أربعة أيام، مدعومة بمخاوف جيوسياسية. جاءت المكاسب بعد ضربات أوكرانية على مصافي روسية وتكهنات بأن موسكو قد تقلص صادرات الديزل، مما عزز مخاطر الشح في السوق. حالياً، يتداول خام غرب تكساس مستقراً عند 63.90 دولار مع ترقب التطورات.
كرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهديده بفرض جولة قوية جديدة من الرسوم على روسيا، لكنه شدد على أن فعاليتها تتطلب التزاماً أوروبياً بوقف استيراد النفط الروسي. في المقابل، أكدت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية، نيتها إنهاء واردات النفط الروسي بنهاية العام، ما يعزز المخاطر على الإمدادات العالمية.
ورغم هذه المخاطر، يرى بعض المحللين أن خطط أوبك+ لزيادة الإنتاج العام المقبل قد تعوض حالة عدم اليقين المرتبطة بروسيا، ما يعكس نظرة أكثر توازناً على المدى المتوسط.
فنياً، اخترق خام غرب تكساس الوسيط فوق متوسط 9 أيام عند 63.57 والذي أصبح دعماً فورياً، يليه دعم قوي عند 62.00 (مستوى تاريخي مهم). الكسر دونه يفتح الطريق نحو 60.50. على الجانب الصاعد، المقاومة عند 64.97 (متوسط 50 يوماً)، ثم 65.85 (مستوى أفقي محوري).
أما خام برنت فيتداول عند 67.02 (+0.16%) فوق متوسط 9 أيام عند 66.92 كدعم أولي، مع دعم إضافي عند 65.45، بينما المقاومة عند 67.32 (متوسط 50 يوماً).
الذهب
واصل الذهب تداوله قرب مستويات قياسية، مستقراً حول 3,773 دولار للأونصة، مدفوعاً بمزيج من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية. يتلقى المعدن دعماً من توقعات خفض الفائدة مرتين إضافيتين هذا العام من قبل الفيدرالي، وسط إشارات ضعف في سوق العمل. هذا النهج التيسيري يعزز جاذبية الذهب كأصل لا يدر عائداً في بيئة معدلات منخفضة.
في الوقت نفسه، تواصل البنوك المركزية شراء الذهب بوتيرة تاريخية، فيما أفادت تقارير بأن الصين تسعى لتصبح جهة وصاية للاحتياطيات السيادية من الذهب، ما يعزز الطلب الهيكلي. كما ارتفعت تدفقات صناديق المؤشرات إلى أعلى مستوى في ثلاث سنوات، مع زيادة الحيازات بنحو 400 طن منذ بداية العام، في إشارة إلى اهتمام مؤسسي قوي.
التوترات الجيوسياسية، خصوصاً بين روسيا والناتو، تضيف علاوة مخاطرة إضافية. تصريحات ترامب الداعية إلى إسقاط طائرات روسية بواسطة الناتو فاقمت حالة عدم اليقين.
فنياً، يعكس الرسم البياني 4 ساعات اتجاهاً صاعداً قوياً بلغ ذروته دون 3,800 دولار، تبعه مرحلة تجميع أعلى 3,750، مما يشير إلى أن المشترين لا يزالون مسيطرين رغم بعض جني الأرباح. الدعم الفوري عند 3,725–3,730، والمقاومة عند 3,800 ثم 3,813. مؤشرات الزخم (MACD وRSI) تبقى إيجابية رغم إشارات تباطؤ في القوة الصاعدة.