كهروب والقاطع الكهربائي

نبض الحدث ـ بقلم الأستاذ : ( عبدالله أبو يوسف )
(كهروب) شاب في مقتبل عمره قرر أن يعمل “فني كهرباء”.
ولكي يتقن الصنعة بدأ يبحث عن أمهر أهل الحرفة بقصد ملازمتهم ومتابعة أعمالهم والاستفادة منها.
كان (كهروب) مغروراً متغطرساً لا يعجبه شيء ولا يقتنع برأي أحد. يرى أن الجميع لا يفقه ولا يعرف ولا يتقن العمل.
تجاوز (كهروب) حدوده مع خبراء صنعته، فبدأ بالتطاول عليهم وعلى خبراتهم وأداءهم في كل مجلس وعند كل فرصة، لذلك لم يقبل أحد من المهرة قبوله للعمل معهم بعد أن تم إبعاده من الكثير منهم.
وحيث أن (كهروب) متغطرس ومغرور قرر أن يستقل بذاته ويبدأ العمل دون خبرة كافية أو دراية بخفايا الأمور، ظناً منه سفهاً وصفاقة أن استبعاده دليل نجاحه وأن أرباب السوق خافو أن يسلب منهم الزبائن ويكتسح منهم رزقهم.
ومما ساعده في ذلك وجود بعض الفنيين أمثاله، ممن حاولو ففشلوا، وبذلو فخسروا، فكانو يصفقون له ويهتفون باسمه، حتى جعلوه كالطبل يعلو وهو خالٍ أجوف.
جاءت زوجته يوماً تشكو من عطل كهربائي في المطبخ، وطلبت منه إحضار فني متخصص لإصلاحه، فهي تعرف زوجها وتعرف قدراته، فغضب منها، وأرغى وأزبد، وصاح مزمجراً من يعرف في الكهرباء أحسن مني؟ كلهم يأخذون رأيي ويسمعون نصائحي، كبيرهم والصغير، قديمهم والجديد، فأنا أفضل من يصلح الأعطال الكهربائية، وببراعة وذكاء.
أحضر (كهروب) عدة العمل، وبدأ يفحص، حتى توصل إلى سبب العطل، إنه القاطع الكهربائي؛ هكذا قال بنبرة المنتصر.
ثم أردف: مخترع القاطع الكهربائي أحمق، يعطل الدائرة الكهربائية عن أجهزة لا يعلم عنها شيئاً، أفكاره فاشلة وهو أفشل منها.
فقرر تمرير الأسلاك الكهربائية وتوصيلها دون المرور بالقاطع الذي يراه سبباً للفشل والخسارة.
عادت الدائرة الكهربائية إلى المطبخ، وبدأت الأجهزة العمل من جديد دون وجود القاطع.
ونظراً لأن الأحمال الكهربائية عالية، والقاطع الكهربائي غير موجود وهو صمام الأمان، احترق المنزل بمن فيه وما فيه، لكن (كهروب) نجا من الموت لأنه لم يكن موجوداً.
توجه (كهروب) بعد أن أنتهت مراسم العزاء إلى الجهات المختصة مشتكياً شركة الكهرباء والمقاول الذي بنى البيت والكهربائي الذي باشر العمل فيه بحجة الإهمال والتقصير وعدم إتقانهم للعمل، ويطالبهم بتعويضات عن الخسائر في الأرواح والتلفيات في الممتلكات، لأنه قرأ في تقرير الدفاع المدني أن الحريق ناتج عن خطأ في التوصيلات الكهربائية!!!
فمن منا (كهروب)؟
وكم (كهروب) نصادفه في حياتنا؟