نبض الحدث ـ أحمد بن عبدالقادر
قال الأستاذ محمد حشاد، كبير استراتيجي الأسواق في نور كابيتال من المتوقع أن يخفض البنك المركزي الأوروبي الفائدة بـ25 نقطة على نطاق واسع أساس في اجتماع الخميس المقبل، وهي التوقعات التي تتوافق مع الهدف الذي يريد البنك المركزي تحقيقه بالوصول بمعدل التضخم إلى 2.00% في ظل قراءات متدنية للنمو في منطقة اليورو في الفترة الأخيرة.
ورغم ارتفاع التضخم إلى حدٍ ما في منطقة اليورو على مدار الأشهر القليلة الماضية، أظهرت نتيجة مسح أجرته وكالة أنباء رويترز أن المركزي الأوروبي ماضيفي طريقه إلى خفض الفائدة بـ25 نقطة أساس، وذلك بإجماع كل المشاركين في المسح دون استثناء. ويعكس ذلك أن قراءات التضخم الأوروبي لن تثن السلطات النقدية عن نهجها التيسيري الحالي، إذ لم تظهر أي إشارات إلى نية المركزي الأوروبي التوقف عن خفض الفائدة أو الاتجاه إلى رفعها في الفترة المقبلة.
بدوره يعكس ما سبق أن الارتفاعات التي شهدتها مستويات تضخم أسعار المستهلك الأوروبي في الفترة الأخيرة لم ترق إلى المستوى الذي يثير قلق البنك المركزي، وهو ما يجعل الأسواق مستمرة في التمسك بتوقعات الخفض الحالية للمعدلات الرئيسية.
متى يتوقف المركزي الأوروبي؟
سجلت قراءة تضخم أسعار المستهلك الأوروبي ارتفاعًا بـ2.3%، وهو ما يتجاوز الهدف الرسمي للبنك المركزي بقليل، إذ تستهدف السلطات النقدية خفض التضخم إلى 2.00%. ومعنى استمرار التوقعات بالمزيد من خفض الفائدة في الفترة المقبلة – خاصة في اجتماع الخميس المقبل – وسط استمرار ارتفاع التضخم إلى مستويات أعلى هذا الهدف أن السلطات النقدية لا يزال لديها حالة من الارتياح للوتيرة التي يسير بها نمو الأسعار في المنطقة.
ويدفعنا ذلك إلى التركيز على نقطة هامة أيضًا عندما نتطرق إلى السياسة النقدية الأوروبية؛ والتي تتمثل في حجم الخفض في الفترة المقبلة، وإلى أي مدى قد ينخفض معدل الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.
تتوقف الإجارة على هذه التساؤلات على المخاطر التي قد يواجهها الاقتصاد الأوروبي في الفترة المقبلة والسياسات الاقتصادية الأوروبية ونظيراتها في دول الاقتصادات الرئيسية التي من شأنها أن تؤثر في شكل اقتصاد المنطقة.
ويواجه اقتصاد المنطقة خطرًا مباشرًا العام المقبل مع تولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية رسميًا، وهو ما يتوقع أن يأتي بزيادة في التعريفة الجمركية على الواردات الأمريكية من أوروبا. ومن دون شك، يتوقع أن يكون لهذه الإجراءات الحكومية أثرًا سلبيًا على الصادرات الأوروبي والاقتصاد الأوروبي بصفة عامة.
الاضطرابات السياسية
هناك نوع آخر من المخاطر التي قد تواجه الاقتصاد الأوروبي في المرحلة المقبلة، والتي قد تؤثر سلبًا على النظرة المستقبلية للاقتصاد، ومن ثم قد ينعكس ذلك على موقف البنك المركزي من السياسة النقدية.
في الخامس من ديسمبر الجاري، عُزل رئيس وزراء فرنسا ميشيل بارنييه بعد تصويت البرلمان الفرنسي لصالح حجب الثقة عن الوزارة في فرنسا على خلفية تفعيل أداة دستورية تسمح للحكومة الفرنسية باتخاذ بعض الإجراءات دون الرجوع إلى البرلمان.
وصادقت الجمعية الوطنية الفرنسية على مذكرة حجب الثقة عن حكومة ميشيل بارنييه لتكون الحكومة الأولى التي تخرج من السلطة بسبب حجب الثقة منذ عام 1962.
وانهار الائتلاف الحاكم في ألمانيا بعد أن أقال المستشار أولاف شولتس وزير المالية كريستيان ليندنر بسبب خلافات عميقة حول التوجه الاقتصادي للحكومة، ما يمهد الطريق لإجراء انتخابات مبكرة وتشكيل حكومة جديدة.
جاء ذلك بعد قرار شولتز بإقالة وزير المالية الألماني في الرابع من نوفمبر الجاري، وهو ما أدى إلى انهيار الائتلاف بقيادة المستشار الحالي، مما يدفع بالبلاد إلى انتخابات مبكرة انطلقت حملاتها بالفعل وتُجرى أوائل العام المقبل، وهو ما يضع ألمانيا في اختبار حقيقي في حالة وصول اليمين المتشدد إلى سدة الحكم.
وتشير استطلاعات الرأي الحالية إلى أن اليمين المتشدد قد يكون ثاني أكبر تكتل سياسي بعد الحزب المسيحي الديمقراطي الذي يقوده المستشار الألماني أولاف شولتز.
على ذلك، تشير التوقعات الحالية إلى إمكانية خفض المركزي الأوروبي تقديرات النمو بحوالي 0.2% إلى 0.% لعام 2025 مع توقعات بخفض تقديرات النمو في ألمانيا، أكبر اقتصادات منطقة اليورو، بـ0.1% إلى 0.9% في العام المقبل، وهي التوقعات التي تستند إلى الآثار السلبية المحتملة لسياسات ترامب والاضطرابات السياسية في المنطقة.
ويتوقف معدل الفائدة على الإيداعات الذي يتبناه المركزي الأوروبي عند 3.25% في حين تبلغ الفائدة على الإقراض 3.65% بينما يتوقف المعدل الأساسي للفائدة الأوروبية عند 3.40%.