مليون متطوع

بقلم/ مشاري محمد بن دليلة
كاتب في الشؤون الاجتماعية والثقافية

حث ديننا الحنيف على التطوع الذي هو بذل البر وجماع الخير، قال الله تعالى (فمن تطوع خيراً فهو خير له ) جاء في التفاسير : يعني الدين كله غير المفترض عليه من صلاة وزكاة أو نوع من أنواع الطاعة. وقد رجح العلماء في قوله تعالى (خير) أي عموم أفعال الخيرات، والمتأمل للأحاديث الدالة على التطوع يجدها كثيرة وتشمل جوانب الحياة، وكما ورد في الحث على كفالة اليتيم قال رسول الله ﷺ(أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا) وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما وهذه من الأعمال التطوعية ، ومن الأعمال التطوعية إماطة الأذى عن الطريق قال النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «لقد أُرِيتُ رجلًا يتقلَّبُ في الجنَّةِ في شَجَرةٍ قطعَها مِنْ ظَهْرِ الطريقِ، كانت تُؤذِي المسلِمينَ» وغيرها من الأحاديث التي لاحصر لها ، ولذلك عُرف التطوع بأنه عبارة عن الجهد المبذول بطريقة اختيارية وبدون قسر ، مرضاة لله تعالى ومصلحةً للوطن بإيثار الغير على الذات دون انتظار عائد ما ، ولذلك كان نبي الهدى محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم قدوة للعمل التطوعي وربّى أصحابه على ذلك، فتجده مقدامًا إلى الأعمال التطوعية في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ومن ذلك بناؤه صلى الله عليه سلم للمسجد النبوي وكذلك حفر الخندق في غزوة الأحزاب وغيرها من الأمثلة ، وسار على نهجه من بعده الصحابة والتابعون والناس أجمعون على مر العصور والأزمان، كان جعفر بن أبي طالب يلقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي المساكين وذلك لأنه يطعم المساكين تطوّعا ماكان في بيته ، وقصة أسماء بنت أبي بكر الصديق التي تطوعت وتكفلت بحمل الغذاء والماء لرسول الله وصاحبه أبي بكر عندما كانا يختبآن في جبل ثور، والقصص الملهمة كثيرة ولاحصر لها ، وأصبح التطوع ركيزة أساسية لما له من أجور أخروية و رضاً نفسي للمتطوع ونهضة وتنمية للبلدان وتعزيز روح المشاركة والوطنية ، إن تعزيز التطوع ينقل البلدان من الرأسمالية إلى التشاركية والإنسانية، ولذلك اهتمت دول العالم بتفعيل التطوع وجعلت منه أساسا في التنمية، والمملكة العربية السعودية منذ تأسيسها وهي داعمة للأعمال التطوعية في شتى المجالات ولذلك أنشئت القطاعات غير الربحية المستوعبة للأعمال التطوعية من جمعيات ومؤسسات ومنظمات ، وفي رؤية المملكة 2030م من خلال برنامج التحول الوطني جعلت من أهدافها الإستراتيجية تشجيع العمل التطوعي والمستهدف الوصول إلى مليون متطوع في 2030م؛ حيث إن التطوع سوف يسهم وبشكل إيجابي في رفع الناتج المحلي ، كما تم إنشاء منصات لخلق الفرص التطوعية كما هو في وزارة الموارد البشرية المنصة الوطنية للتطوع وفي وزارة الصحة منصة التطوع الصحي ، وشعبنا السعودي قد امتثل العمل التطوعي في شتى مجالاته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها فنجدهم في تعليم كتاب الله متطوعين ونجدهم في العمل الإغاثي والصحي على مستوى المحلي والدولي متطوعين ونجدهم في خدمة الحرمين متطوعين وغيرها من الأعمال التطوعية، حتى أصبح التطوع مطلباً في التقدم الوظيفي والتعليمي والريادي ، ونسأل الله أن يديم علينا الأمن والإيمان وأن نكون منارة ونبراسا يحتذى به في القطاعات غير الربحية والتطوعية عالميا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى