اجتماع الاحتياطي الفيدرالي يمنح الدولار دفعة طفيفة، والمركزي السويسري يختار خفضاً أقل

جون هاردي، رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي العالمي في ساكسو بنك
اتخذ الاحتياطي الفيدرالي موقفاً أقرب إلى الركود التضخمي، مما أدى إلى تجميد توقعات السياسة النقدية المستقبلية مؤقتاً، ودفع إلى تقليص طفيف في مراكز البيع على الدولار الأمريكي. من جهته، اختار البنك الوطني السويسري اليوم خفضاً أقل بواقع 25 نقطة أساس، لكنه حذّر من اتخاذ خطوات قد تؤدي إلى تقوية العملة.
أبرز التطورات والتعليقات:
أسفر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة عن رسائل متباينة، إذ تضمن البيان تعديلات طفيفة جداً تشير إلى قلق أقل بشكل طفيف بشأن الآفاق الاقتصادية مقارنةً بالبيان السابق (الصادر في 7 مايو، بعد أسابيع قليلة من موجة التراجع الحادة في الأسواق بسبب “يوم التحرير” وما أعقبها من تشاؤم عام).
كشفت التقديرات الاقتصادية الجديدة لموظفي الاحتياطي الفيدرالي عن خفض توقعات النمو لعامي 2025 و2026، مقابل رفع توقعات التضخم لكامل الفترة بين 2025 و2027، ورفع طفيف في توقعات معدل البطالة لتلك الفترة أيضاً (إلى 4.5% لعامي 2025 و2026 مقابل 4.4% و4.3% في تقديرات مارس). تعكس هذه البيانات آفاقاً اقتصادية غير مريحة نسبياً تتسم بالركود التضخمي، وهي حالة يصعب على السياسة النقدية معالجتها، مما قلّص من تقلبات سوق السندات.
ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية في البداية، لكنها أغلقت اليوم دون تغيير يُذكر. لم يشهد “الرسم النقطي” (dot plot) لتوقعات أعضاء الفيدرالي تغييرات تُذكر، غير أن نمطاً جديداً طفيفاً بدأ يتشكّل في توقعات نهاية العام، إذ يبدو أن هناك انقساماً داخل الفيدرالي: فريق يرى ضرورة تثبيت أسعار الفائدة حتى نهاية العام، وآخر يرجّح إجراء خفضين على الأقل.
في المؤتمر الصحفي، شدد رئيس الفيدرالي جيروم باول على حالة عدم اليقين، وأكد الحاجة إلى التحلي بالصبر لمراقبة آثار الرسوم الجمركية وتقلبات المعنويات، ما أبقى التوقعات بخفض في يوليو عند مستويات منخفضة.
ردة فعل الدولار على اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة:
ارتفع الدولار الأمريكي على نطاق واسع بعد الاجتماع، في ظل بقاء عوائد سندات الخزانة على حالها، وربما نتيجة تغطية مراكز البيع القديمة على الدولار. ويبقى التساؤل: هل يمكن أن تستمر هذه الحركة حتى نهاية الأسبوع؟ (انظر المزيد في الرسم البياني لزوج اليورو/الدولار أدناه). علماً أن اليوم عطلة في الولايات المتحدة.
الرسم البياني لليورو مقابل الدولار
يصعب تحديد مناطق الدعم الفني في النطاقات السابقة إذا فقد اليورو مقابل الدولار مستوى 1.1400. ما زلت أستبعد أن يؤدي كسر منطقة 1.1500 إلى بيع واسع، لذا من المهم مراقبة ما إذا كان النطاق 1.1400-1.1450 سيصمد. الفشل قد يدفع الزوج للهبوط إلى 1.1280، في حين أن عودة قوية فوق 1.1500 قد تنعش الاتجاه الصعودي من جديد.
في سياق آخر، أظهرت البيانات الاقتصادية الأمريكية الصادرة قبيل اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة نتائج سلبية عموماً، إذ لم تتحسن طلبات إعانة البطالة الأولية سوى هامشياً، وكذلك الطلبات المستمرة، والتي لا تزال بالقرب من أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات. كما تشير بيانات بدء بناء المساكن لشهر مايو إلى تصاعد المخاطر في قطاع الإسكان الأمريكي.
على صعيد العملات الأخرى، ارتفع الدولار الأسترالي بعد تقرير وظائف مختلط؛ فقد تراجعت الوظائف الإجمالية بشكل طفيف، لكن الوظائف بدوام كامل سجلت نمواً. تجاوز زوج الدولار الأسترالي مقابل الدولار النيوزيلندي مستوى 1.0800، وهو مستوى لم يُغلق فوقه منذ أكثر من ثلاثة أسابيع. أما زود الدولار الأسترالي مقابل الدولار الأمريكي فقد غيّر اتجاهه في كل يوم من أيام التداول السبعة الماضية، وهو نمط يصعب استمراره.
أما البنك المركزي السويدي (Riksbank) فقد فاجأ الأسواق باتجاهه الحمائمي، إذ خفّض سعر الفائدة إلى 2.00%، وأشار إلى إمكانية مزيد من التيسير، كما خفّض توقعاته للتضخم إلى 2.0% لكامل فترة التوقعات الممتدة خمس سنوات. هذا يوفر فرصاً مغرية على المدى الطويل لشراء الكرونة السويدية مقابل اليورو، وربما الفرنك السويسري، تزامناً مع التحفيز المرتقب من التوسع المالي الألماني. يبقى السؤال: هل يجدر بالمضاربين على انخفاض زوج اليورو/الكرونة السويدية دخول السوق الآن، أم انتظار نشوء نموذج انعكاسي أو بلوغ منطقة 11.20–11.25؟
قرار البنك الوطني السويسري
صدر قرار البنك الوطني السويسري قبيل نشر هذا التقرير، حيث اختار توماس شليغل وزملاؤه خفض الفائدة بواقع 25 نقطة أساس لتصبح عند 0.0%، وهو ما كان متوقعاً من غالبية المراقبين. يُعتبر هذا القرار نسبياً ذا طابع متشدد، نظراً لوجود آراء تدعو إلى خفض أكثر حدة والدخول مباشرة في المنطقة السلبية. وقد رافق القرار عدد من الإجراءات للحد من قوة الفرنك السويسري، منها فرض رسوم إضافية بنسبة 0.25% على البنوك التي تتجاوز ودائعها الجارية حداً معيناً، والتأكيد على أن التدخل في سوق الصرف ما يزال خياراً مطروحاً.
لوحة اتجاهات العملات– عملات مجموعة العشر واليوان الصيني
رغم أن الدولار الأمريكي ارتدّ صعوداً، إلا أنه لا يزال بعيداً عن الدخول في اتجاه صعودي واضح، في حين دخلت الكرونة السويدية في منطقة سلبية، لكن ربما يكون رد فعل السوق مبالغاً فيه إذا تحسنت آفاق النمو في أوروبا. بقية العملات تُظهر حركات محدودة، مع استمرار صعود اليورو.
الجدول: أحدث نتائج مؤشرات الاتجاه لأزواج العملات
من بين الأزواج الفردية، يبدو زوج الدولار/الين الياباني من بين الأكثر إثارة للاهتمام إذا تمكن من اختراق النطاق السعري المحلي، فيما يشهد الاتجاه الصعودي لزوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي ضغوطاً شديدة بعد 92 يوم تداول متتالية من المكاسب.