رحلةٌ مدعاةٌ للتأمل

بقلم ــ أفنان جميل
يحدث أن يتقاطع طريق الفرح مع الحزن
أو بالإحرى كابوس الحزن يهاجم ليلة فرحتنا
لم يكن فقد الموت حزناً عابراً بل حدثاً فارقاً
معه تبهتُ كل الضحكات
(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ )
جل جلاله لهُ الحكمة البالغة في فناء المخلوقات
ورحيلهم، فرحلة ولادة الأجيال وتناقص أفرادها
رحلةٌ مدعاةٌ للتأمل وفي قلوبنا يقينٌ بأننا يوماً سنكون أحد الراحلين.
ندركُ تماماً بأن مصير الحي الموت
لكننا نهلعُ مع كل خبر وفاة وكأنه صوتٌ يوقظنا من لذة الحياة لعلّنا نستدركُ مابقي من العمر،
ليس عمراً نقضيه بخوف بل سعياً وعملاً ورجاءً
أن تُمدّ أعمارنا مايكفي لعمل الصالح الذي برحمة الله يدخلنا بها جنته.
معذرةً إلى ربنا، وتحقيقاً للهدف الذي خلقنا الله من أجله أن نحيا عابدين طائعين نعمّر الأرض بكل خيرٍ واحسان.
لا أحد بوسعهِ الفرارُ من أن يعيش لحظة الفقد المريرة
بيدَ أن تلاحمها مع لحظة الفرح كان الأشد وقعاً على النفس
لكنهُ أيضاً قدراً حانياً فلا وسع لنا بحصر الألطاف التي نزلت معهُ من ربٍ رحيم
الله الجبّار حين يجبر يدهش القلوب ويرضي الأنفس
ظننتُ أني في مصابي الوحيدة غير أني حين رأيت الجنائز تتوالى في اللحظة ذاتها
علمتُ أننا قد عشنا القدر ذاته وقد نزل البلاء ومعه الصبر والجبر
لم يكن الموت أبداً نهاية لقاءنا بأحبتنا الذين سبقونا إلى المراقد تحت الثرى ولكن تبتدئُ قصة الوفاء
استكمالاً لطيبِ العشرة التي كانت بيننا
تلك العطايا لا تشبه هدايانا التي نتبادلها في حياتنا
فيالسعد الراحل حين تُهدى له الصدقات المؤنسة
تلك أصدق المشاعر وأكثر الطرق اختصاراً للوصول إلى الرضا..
أحبابنا في ذمة الخالق الرحيم سبحانهُ
فممّ الخوف والقلق.!
وقد عاشوا عمراً برمّتهِ في رعاية الله وحفظه
ومنهم من كان على أسرّة الأسقام متلحفاً الرضا
فهو يعلم أنها رفعةٌ وكفارة ودرجاتٌ يصعدُ بها برحمة الله إلى جناته العظيمة.
مقالتي هنا اليوم ليست مجرد وصايا ونصح فكفى بالموت واعظاَ لكنني أردتُ أن أقول بأن العمر قصيرٌ جداً والموت يأتي بغتة فلا يعرف عمراً ولا يختص بشخصاً دون الآخر
أحبوا بعضكم البعض استدركوا مافاتكم من البر والطاعة، أحسنوا وعيشوا لحظات العمر وكأنها لن تُكرر.
تلدنا أمهاتنا ونقدَمُ إلى عائلةٍ بها العديد من الشخصيات هناك أشخاص ولدنا ونحن نراهم كأعمدة الحياة وأساساتها ( تفقدوا احتياجاتهم، كونوا لهم عوناً )
فهم بحاجة إلى تربيتة اطمئنان بأننا لم نألف عطائهم ونتجاهل وجودهم..
١ – ١٠-١٤٤٦هـ
وفاة خالي رحمهُ الله
اللهمَّ اغفِرْ لأمواتِ المُسلمينَ، وارْحَمْهُم، وعافِهِم، واعْفُ عَنهُم، وأكرِمْ نُزُلَهُم، وَوَسِّعْ مُدخَلَهُم، واغسِلْهُم بِالماءِ والثَّلجِ والبَرَدِ، ونَقِّهِم مِنَ الذُّنوبِ والخطايا كما يُنقَّى الثَّوبُ الأبيضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللهمَّ أبدِلْهُم داراً خَيراً مِن دارِهِم، وأهلاً خَيراً مِن أهلِهِم، وأدخِلْهُم الجَنَّةَ، وأعِذْهُم مِن عَذابِ القَبرِ وعَذابِ النَّارِ، وافسَحْ لَهُم في قُبورِهِم، واجعَلْها روضةً مِن رياضِ الجَنَّةِ، اللهمَّ اجزِهِم عَن الإحسانِ إحساناً، وعَن الإساءَةِ عَفواً وغُفراناً، وارفَعْ دَرَجاتِهِم في المَهديِّينَ، واخلفْهُم في عَقِبِهِم في الغابِرِينَ، واغفِرْ لنا ولَهُم يا ربَّ العالمينَ.