التصفح الورقي أم الإلكتروني
بقلم/ مشاري محمد بن دليلة
كاتب في الشؤون الاجتماعية والثقافية
نُشر لي مقال في أحد الصحف بعنوان (لحمة وطن) وطلبت من الكاتب أ. سليمان السنيدي أن يزودني بنسخة ورقية من الصحيفة، عندما زودني بالصحيفة الورقية أحسست بشعور غريب وهو شغف القراءة لما كُتب في تلك الصحيفة ورجعت بي الذاكرة في زمن مضى كنا نتسابق على قراءة تلك الصحف ونحل تلك الألغاز المتقاطعة ونقرأ الكاريكاتير حتى تلك الصحف لها رائحة وأنت تقلب أوراقها، في زمن مضى كانت المجتمعات تتسابق على القراءة الورقية في الكتب والصحف وكان لها استمتاع ومذاق وشعور وجداني داخلي مع الورق، عندما تقلب صفحات كتاب أو جريدة ورقية فملامستك الورق باليد تعطيك مشاعر داخلية معه، مشاعر حب وشغف للقراءة وتضعف مع الكتب والصحف الإلكترونية، عندما تحمل كتاباً بين يديك وتتنقل به في سفرك وفي وقت انتظارك وفي مكتبتك؛ فإن لذلك خصائص نفسية لا يمكن وصفها إلا لمن عاشها، فهو يربيك على الصبر ويشعل فتيل شغفك للقراءة ويدفعك للمطالعة وتقليب الصفحات، نحن اليوم في عصر التقنية والمعلومات السريعة والنقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي معلومات الغث والسمين فلا تعلم ما هو مصدرها إذ أصبحت هي الحاكمة للمجتمعات، الكل يحب أن يستخدم التقنية بشكل مفرط ويرى أن ما عداها تخلف، وقد لمست ذلك في كتابي الذي صدر حديثاً بعنوان (حديث العقل) كنت أستشير بعض أصحابي وكان بعضهم يقول من يقرأ في هذا الزمن والآخر يقول اجعله كتاباً إلكترونياً أو اختصره، لكن الكُتاب يعرفون قيمة ما يكتبونه فعندما يسيل قلمهم ويجمعون فكرهم ويشغلون حواسهم ويصدر كتابهم فهذا جهد قد أخذ من وقتهم وعمرهم ولا يفرحهم ويشفي غليلهم ويثلج صدرهم إلا أن يكون ورقاً ملموساً يقلب صفحاته ويمعن النظر فيه ويعلق في جنباته فهو يفرح بذلك الإصدار كما يفرح بابنه بعد قدومه، الجيل الجديد لا يعرف القراءة في الورق بل لا يتخيل أنه يوجد صحف ورقية فأصبح يتعامل مع التقنية في كل شيء عدا كتبه التعليمية، لست مختصاً نفسياً ولكن لن يشعروا بلذة القراءة ما لم يقلبوا الصفحات بأيديهم ويكون بينه وبين الكتاب الذي يقرؤه عشق وهذا يصعب في المقروءات الإلكترونية، وفي الختام أقول للجيل القديم الذين اعتادوا على التصفح الورقي لا تتركوا معشوقتكم الورقية وللجيل الجديد لا تفوتوا تلك التجربة الماتعة.