شهداء الواجب (الرجال البواسل لمكافحة المخدرات)

بقلم/ مشاري بن محمد بن دليلة
كاتب في الشؤون الاجتماعية والثقافية

يعد حفظ النفس وحفظ العقل من الضروريات الخمس التي حث عليها ديننا الحنيف، وهي كذلك من المقاصد الشرعية الربانية التي تقوم عليها الحياة، وبالحفاظ على النفس والعقل تستمر دورة حياة الإنسان، تدور عجلة التنمية إلى الأمام ولهذا دعت النصوص من الكتاب والسنة لذلك، يقول الله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)، ويقول رسول الله صلى الله عليه، وسلم: ((لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ)) فالضرر كما هو معلوم : كل ما كان عن غير قصد، والضرار: ما كان عن قصد، ولهذا يجب الابتعاد عن كل ما يؤذي النفس بقصد أو غير قصد كما حذرت الشريعة الإسلامية من كل مسكر قال الله تعالى (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ) والأحاديث الدالة على تحريم المسكرات كثيرة بل ذهبت إلى عدم قبول صلاة شارب الخمر، إذن فكل ما يذهب العقل أو يذهبه بالكلية حرمته الشريعة، وعظمت أثمه حفاظًا على النفس البشرية حتى لا يضر الإنسان بنفسه، ويتعدى ضرره على الآخرين، ومن الآفات التي تزيل العقل وتفتك به يتعدى ضررها على الآخرين تعاطي المخدرات.
إن المخدرات من الآفات الخبيثة التي تذهب العقل وتنهش الجسد، وتزهق الأنفس فلا ندري لمصلحة من تروج هذه الآفة بين الشعوب والدول؟ ولا سيما أنها تدمر الشعوب وتلحق بأصحابها الدمار والقتل، فكلما زاد تعاطي الناس لهذه الآفة الخبيثة انعكس ذلك سلبًا على سلوك أفراد المجتمع فينتشر بينهم القتل والتشريد والسرقة وخيانة الوطن.
إن العقل إذا بلغ مرحلة الإدمان لا يستجيب إلا لآفة المخدرات التي تعطي السعادة الكاذبة ـ زعموا ـ ، وللأسف يتحول المدمن إلى وحش كاسح إذا لم يحصل على هذه المادة المخدرة، وهو مستعد أن يفعل كل ما يؤذي المجتمع، ولهذا عندما يراد السوء بأي مجتمع من المجتمعات فإنه يتم نشر المخدرات فيه فتفتك بأبنائه حتى تسقط في القاع فتكون لقمة سهلة لمفاسد عظيمة تعجل بزوالها.
إن محاربة المخدرات ومروجيها لا يقل أهمية بمكان عن محاربة الإرهاب، ولنا في الدول التي سادت فيها المخدرات عبر!! حيث انتشرت في شوارعها وبين أبنائها الجرائم، وانحدر اقتصادها حتى أصبح شعبها بلا هدف فهو في حالة من الحيرة والضياع، ولم تستيقظ تلك الشعوب إلا حينما أعلنت حكوماتها الحرب على تلك الآفة فعادت لمكانتها وتحسنت صورتها بعد أن تلطخت سمعتها بالمخدرات.
ومما يجب فهمه ووعيه أن تلك الآفة شر مستطير على الفرد والأسرة والقبيلة والوطن، وللأسف فبعض وسائل الإعلام تروج لهذه الآفة، وعندما تطالع الأفلام الغربية تجدها تجعل من تلك الآفة المقيتة ضرباً من القوة والفتوة للذكر والأنثى، وتعززها في عقول أبنائنا، ولهذا تحرص مملكتنا على تنقية وسائل الإعلام من تلك المفاهيم الخطرة، وتعد البرامج الموجهة للشباب التي تحذر من هذه الآفة وتستضيف الخبراء في هذا المجال صيانةً للمجتمع من تعاطي هذا الآفة وبيان لجمال الحياة بلا مخدرات، واليوم ولله الحمد مملكتنا العربية السعودية تعيش في أمن وآمان، والمديرية العامة لمكافحة المخدرات تبذل الغالي والنفيس لمحاربة تلك الآفة، وكذلك الجمارك تضبط كل محاولة لإدخال هذه المواد السامة عبر المنافذ بكميات هائلة، فدولتنا مستهدفة لما حباها الله من قوة اقتصادية وشعب مترابط وقيادة رشيدة، نحن اليوم ننام ولا يخاف أحدنا على نفسه من أي شر كان ولله الحمد، فالأبطال البواسل في كل مكان يسعون للحد من الجريمة، فكم من بطل استشهد لا نعرفه كان يلاحق ذلك المروّج الذي أفسد في بلادنا، وكم أبطالاً لنا ضحوا بأنفسهم في سبيل الحفاظ على الوطن وعلى أبنائه، فهكذا هم يسهرون الليالي من أجل الحفاظ على أرواحنا فنحن مدينون لهم بالشكر والوفاء.
إن الأرواح الشريرة تكون في كل زمان ومكان، ولكن الله يقيض لها من يردعها في أوكارها ويجعلها عبرة لغيرها، سوف تستمر الحياة مادامت الشمس تشرق في كل صباح ولكن لا بد لنا أن نربي أبناءنا التربية السليمة وألا نتركهم للأقران والأفكار الشيطانية فهم أمانة في أعناقنا، وسوف نُسأل عنهم يوم القيامة ، أيها الأب والأم أعلم أنك بتفريطك في تربية أبنائك وتركهم لرفقاء السوء قد تحمل وزرهم ووزر غيرهم فالأصل في الإنسان أن يكون مسالماً، ولكن عندما ينقلب على عقبيه يضر نفسه وأسرته ومجتمعه .
إن الأسر التي لديها متعاطٍ تعاني معاناة كبيرة، فالبعض منهم يتمنى لو أنه لم يأت للحياة ، فهم يعيشون ألم خروجه عن الأعراف والتقاليد والقيم الإسلامية حتى أن المجتمع لايتقدمون لزواج من بناتهم نظراً لتعاطي والدهم أو أحد أفراد أسرتهم المخدرات فالمجتمعات تنبذ تلك الخصلة الذميمة، وأسر المتعاطي هم ما بين الرحمة له وطلب كف شره، ويفرح عندما يقبض على المتعاطي فيعم السكون على الأسرة والمجتمع من شروره ، والدولة سددها الله وأيدها بنصره عندما تقبض على المتعاطي تأخذ بيده إلى العلاج والدمج المجتمعي من خلال البرامج الصحية ، والمروج الذي أفسد في الأرض يتم تقديمه للعدالة .
نسأل الله أن يحفظ بلادنا من كيد الكائدين وشر المغرضين، وأن يعين جنودنا البواسل ويرحم شهداءهم الذين بذلوا أنفسهم لمكافحة المروجين، وأن يحفظ علينا قادتنا إنه بذلك قدير وبالإجابة جدير

Exit mobile version