رحلة الماجستير

بقلم/ مشاري محمد بن دليلة
كاتب في الشؤون الاجتماعية والثقافية

في رحلة علمية في الدراسات العليا في كلية إدارة الأعمال “تخصص إدارة المنظمات غير الربحية” بجامعة حائل ، رحلة من العمر تهيأت لنا فيها تلك الفرصة والدراسة لخدمة الدين والوطن، قد يتبادر للذهن ماهي الفائدة المرجوة من الدراسات العليا فيمكن الاكتفاء بالمراحل التعليمية والجامعية وبالبكالوريوس فقط وهي محطات علم ومعرفة، وهذا صحيح ولكن الدراسات العليا هي بوابة للبحوث والدراسات والتنمية العلمية والارتقاء الفكري ومطالعة الكتب والتجارب المحلية والعالمية فهي تفتح الآفاق للدارسين وترسم لهم طريقاً للإبداع والابتكار، إن التطلع لنيل الشهادات العليا هدفه تحقيق التنمية والاستدامة خدمة لديننا ووطننا، وهو حلم لكل طموح يريد التقدم والرقي لوطنه، وبفضل من الله تحقق لنا هذا الحلم وانطلقنا في تلك الرحلة العلمية الجميلة في تخصص إدارة المنظمات غير الربحية، ذلك التخصص الذي يهتم بخدمة المجتمع لسد حاجة المحتاجين وتحسين جودة الحياة، فهو يتمحور حول التنموية، فما أجمل عندما ننطلق في أعمالنا على أسس علمية، وكانت تلك الدراسة محوراً للتحول الفكري واتساع الأفق والاستزادة من العلم والتعمق في فهم القطاع غير الربحي ، استقينا الدروس والمعارف واللبنات الأساسية لذلك التخصص المجتمعي الجميل، فقد تدارسنا مع أكاديميين أكفاء أساسيات إدارة المنظمات غير الربحية، حوكمة المنظمات غير الربحية، الريادة والابتكار الاجتماعي، المعايير المحاسبية، إدارة التسويق، إدارة الموارد البشرية، تنمية الموارد المالية، القيادة في المنظمات غير الربحية، إدارة المتطوعين، نظم المعلومات الإدارية، إدارة المشاريع التنموية، قراءات تخصصية في القطاع غير الربحي، منهجيات البحث، وختمت تلك الرحلة الجميلة بمشروع التخرج، وخلال السنتين تلك المواد أوقدت الفكر وفتحت له أبواباً إلى التطور والنمو فالنقاش كان معمقًا بين الدراسين والأكاديميين فهم يحملون نفس الهم، ورؤيتهم كيف نحدث التغيير في منظماتنا ونسهم في تحقيق رؤية 2030 من خلال تمكين المنظمات غير الربحية من تحقيق أثر أعمق وتشجيع العمل التطوعي والإسهام في رفع أعداد المتطوعين إلى مليون متطوع، والمساهمة في رفع الناتج المحلي وتعزيز المسؤولية المجتمعية في الشركات، ومن جماليات تلك الرحلة وأعتز بها التعرف على أصحاب أفاضل من الدارسين ومن أجمل ما كسبته، حيث كان لديهم الحرص على التعلم والحافزية والحماس والخبرات العريقة في القطاع غير الربحي من أرجاء مملكتنا العربية السعودية الغالية شمالها ووسطها وجنوبها وغربها وشرقها، فكان بيننا الألفة والمحبة والود والإخاء كعائلة واحدة فهمومنا مشتركة وسقف طموحاتنا عالٍ واستعدادنا للتغيير وإحداث الأثر نصب أعيننا، كنا نتحاور ونفكر بشكل شمولي واسع نتبادل الهموم ونسعى لحل المشكلات ونصعد في سلم التطوير، لكل واحد منا مزية قد تفرد بها عن غيره فدراستنا كان نصفها علمية والباقي بين الدراسين من تلاقح الأفكار والاستفادة من بعضنا البعض، لن ننسى تلك الأيام الجميلة والابتسامة حاضرة دوماً ولين الجانب، كنا نستحضر في كل وقت وحين عند قدومنا أحاديث طلب العلم وأنها طريق إلى الجنة مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من سلك طريقاً يلتمس فيه علمًا سهل الله به طريقاً إلى الجنة) نقطع الفيافي والقفار ونعرض أنفسنا للأخطار ونترك خلفنا أهلنا نستودعهم الله، ولكنها تهون أمام لذة العطاء وثمرة العلم والمعرفة لخدمة المحتاجين وتحسين جودة الحياة، لا نفكر إلا في التنمية لوطننا، فنتعلم من أجل التنمية، يصيبنا الإحباط في نوبات ولكن الأمل والتفاؤل يغشانا في كل وقت وحين، فرؤيتنا بعيدة المدى فنصبر أنفسنا ونضع أيدينا في أيدي بعض ونجدف في تلك السفينة في بحر العلوم حتى نصل إلى بر النجاح، يسقط بعضنا فنحمله على ظهرنا ونسير لا نترك خلفنا أحداً ، بيننا من الود والمحبة ما نغبط عليه، كنا كالجبل لا يهتز مهما عصفت به الريح، تجتاحنا الشكوك والهموم فلا نترك لها سبيلا، عشنا أياماً جميلة في مدينة حائل في صيفها وربيعها وخريفها وشتائها فأهلها لا تجد منهم إلا الكرم والطيب وحسن الخلق، كانت نسمات هوائها باردة على قلوبنا فهي جميلة بأهلها وتضاريسها وسهولة التنقل بها ولذيذ أكلها، فجمال تلك الدراسة في تلك المدينة الرائعة الخلابة فهي محطة ذكريات لا يمكن أن ننساها وسوف تكون في دفتر الذكريات الجميلة، وكان من حقها علينا كطلاب أن قمنا بمبادرات مجتمعية وطنية ذات أثر مستدام في تلك المدينة الجميلة، ومن جمال تلك الرحلة جامعة حائل تلك الجامعة الكبيرة في حجمها، الغزيرة بعلمها، الجميلة بمنظرها، فقد عشنا مع أكاديميين لديهم من الخبرات العلمية والمعرفية التي استفدنا منها في حياتنا الشخصية والعملية ؛ حيث كان لهم كبير الأثر في تطورنا والصعود بنا إلى عالم الإبداع وسعة الأفق، فلهم منا جزيل الشكر والامتنان على ما بذلوه من رسالة عظيمة قيادة وأكاديميين وإداريين، والشكر موصولة أواصره للمؤسسات المانحة التي دعمت الرسوم الدراسية لبعض الطلاب كمؤسسة سالم بن محفوظ الأهلية وأوقاف الضويان ومؤسسة العجيمي الخيرية؛ حيث وضعوا نصب أعينهم الاستثمار في الكوادر البشرية التي ستحقق الأثر التنموي، فلهم منا وافر الشكر والامتنان على دعمهم ورؤيتهم الثاقبة فبناء الكوادر البشرية هو بمثابة الأوقاف، وأخيرًا نتقدم بالشكر والعرفان والامتنان لقيادتنا الرشيدة على تمكينها للجامعات وتهيئة الفرص للدراسة واهتمامهم بالعلم والتعليم فنسأل الله أن يحفظ قادتنا وعلماءنا وطلابنا وأن يجعل ما تعلمناه حجة لنا لا علينا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى