نحو مستقبل المواد المُركبّة

نبض الحدث ـ بقلم ـ أحمد سيد، مدير أعمال الإنشاءات في أكسيونا في الشرق الأوسط
تعد مدينة شبام الأثرية المُسوَّرة- الواقعة في جنوب شبه الجزيرة العربية- أقدم نموذج للتخطيط الحضري القائم على أعمال التشييد العمودية. فعند النظر إلى المدينة من مسقط أفقي نجد منظورًا مذهلًا عبارة عن سور مستطيل يحتضن غابة عشوائية متفجرة من المباني العملاقة المصنوعة من الطين. وخارج السور تمتد صحراء رملة السبعتين لأميال عديدة في كل اتجاه، إلى أن يغيب البصر في الأفق.
واليوم أصبحت شبام بلدة يمنية صغيرة يبلغ عدد سكانها 7000 نسمة، وقد دفعت ناطحات سحابها ذات المظهر الغريب منظمة اليونسكو إلى تصنيفها كأحد مواقع التراث العالمي في عام 1982. وعلاوة على ذلك فهي أيضا مثال ناجح على استخدام المواد المركبة، وعلى الرغم من أنها ليست الأقدم بأي حال من الأحوال، إلا أنها أحد أكثرها روعة.
أنشئت مباني مدينة شبام بين القرنين الرابع والسادس عشر الميلاديين باستخدام الطوب اللبن، وهو في الأساس خليط من الطين والوحل. ويعد الطوب اللبن أول مادة مركبة صنعها الإنسان، وعلى الرغم من أن أعمال البحث والتطوير في مجال المواد المركبة وتصنيف مكوناتها والاستخدامات الناتجة عن ذلك قد تطورت بشكل كبير، إلا أن التعريف يظل كما هو: المواد المركبة هي مواد مصنوعة من عنصرين أو أكثر بطريقة ينتج عنها مادة جديدة تستخدم بشكل أوسع من استخدام أي من مكوناتها على حدة.
مثلنا مثل المهندسين العرب في ذلك الوقت فإننا نفهم أن المواد المركبة تقودنا إلى مجموعة واسعة من الاحتمالات وأن المستقبل الأكثر ابتكارا واستدامة سيسير جنبا إلى جنب مع مستقبل المواد المركبة. ولهذا السبب فإننا مجهزون بمصنعين لإنتاج مكونات وهياكل المواد المركبة، كما نجرى في هذين المصنعين تجارب بالحجم الطبيعي.
من الواضح أن استخدام المواد المركبة ليس مفهوما جديدا، إلا أنه من المؤسف أن نجد مجال الإنشاءات لم يواكب تطبيق وتطوير هذه التقنية مقارنة بالمجالات الأخرى. وفي المقابل نجد مجال الطيران قد استخدم المواد المركبة بنجاح لعدة عقود نظرا لخصائصها الفريدة بما فيها ارتفاع نسبة قوتها إلى وزنها ومقاومتها للتآكل ومقاومتها للكلال، مما يجعلها خيارا ممتازا للاستخدام في مكونات الطائرات.
تحاول الشركة أن تصنع فارقًا وتواظب على المشاركة بنشاط في جهود البحث والتطوير لتقليل بصمتها الكربونية من خلال استخدام المواد المركبة، كما يتضح من بناء أول منارة في العالم مصنوعة من مواد مركبة في ميناء فالنسيا بتقليل في بصمتها الكربونية بنسبة 20٪. ومنذ ذلك الحين ونحن نواصل ابتكار وتطوير تطبيقات جديدة للمواد المركبة في مختلف القطاعات، بما فيها قطاع البنية التحتية والطاقة المتجددة والنقل.
ما هي المادة المركبة؟
تتكون المواد المركبة أو المُركبات من راتنجات وألياف يسمح الجمع بينها بتكون مادة جديدة تكون خصائصها أعلى بكثير من تلك الخصائص التي يمكن أن يوفرها كل عنصر على حدة. وبعض فوائدها هي الخفة ومقاومة التآكل والمقاومة الميكانيكية العالية والشفافية الكهرومغناطيسية.
وباستخدام هذه المواد يمكننا تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 20٪ وأن نزيد من سرعة إنهاء مشروع محدد بنسبة 30%، ومثال على ذلك هو مشروع المنارة في ميناء فالنسيا بإسبانيا.
ونظرا للمزايا الكبيرة التي توفرها المواد المركبة من حيث الكفاءة والاستدامة والفعالية من حيث التكلفة، فمن المتوقع أن تكون هناك زيادة كبيرة في الطلب على هذه المواد في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي وغيرها. ونظرا لأن مالكي المشروعات يسعون إلى التقيد بالمواعيد الصارمة للتنفيذ مع تقليل التكاليف وتقليل التأثير البيئي، فتظهر المواد المركبة كخيار جيد للعب دور حاسم في تحقيق هذه الأهداف. وبتركيزنا لجهود البحث والتطوير المستمرة لتوسيع نطاق تطبيقات المواد المركبة، فمن الراجح أن نستمر في رؤية نمو كبير في الطلب على هذه المواد في السنو ات القادمة.