خطيب المسجد الحرام: اصبروا على والديكم ولا تتضجروا من مطالبهما عند الكبر

نبض الحدث ـ متابعات
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ياسر الدوسري المسلمين بتقوى الله وعبادته، وأن من رام الخير والصلاح وقصد الظفر والنجاح وأراد الفوز والفلاح، فليجعل التقوى زادهُ والإحسان دربه ومنهاجَه.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: “إنَّ من محاسن الإسلام ومن فضائله العظام ومن أعظم ما يُتقرَّبُ بِهِ إلى المَلكِ العلام بر الوالدين، فهو عبادة من أسمى العبادات وطاعة منْ أجَلَّ الطَّاعات، وهو منْ شمائل الأنبياء وشِيَمِ الأصفياء وخصال الأتقياء به تُنال الرحمة والرضوان وتُستجلب البركة والغفران أعْلَى الله قدره ورفع مكانته وشأنه، فقرنَ ذِكْرَ الوالدين بذكره وحقَّهُمَا بحقه وشكرهما بشكره تكريمًا لهما وتعظيمًا لقدرهما وتحفيزًا على الإحسان إليهما.
وأكّد الشيخ ياسر الدوسري أن بر الوالدين أمر إلهي وتوجيه نبوي وغير خافٍ على كل مسلم عاقل لزوم حق المنعم، ولا مُنعِم بعد الله على العبد كالوالدين، فهما أحق الناس بالبر والوفاء والإحسان والعطاء.
وأوضح أن بر الوالدين من أحب الطاعات إلى رب البريات، وأن الوالدين هما أَوْلَى الناس بحسن الصحبة كما أن برّ الوَالِدَيْنِ سبب للبسط في العمر والآجال والبركة في الرزق والأموال؛ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ- رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمُرِهِ، وَأَنْ يُزَادَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، فَلْيَبَرَّ وَالِدَيْهِ، وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ.
ونوّه الشيخ ياسر الدوسري على أن ما يُعين العبد على بر والديه هو أن يستحضر جميل صُنعهما وسابع عطائهما وعظيم إحسانهما وصدق سعيهما وجميل صبرهما في تربيته ورعايته، وأن يتذكر أنه موقوف بين يدي ربه، وأنه مسؤول عن هذا الحق العظيم، وقد جمع الله بين هذين الأمرين في قوله- سبحانه-: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}.
وأشار إلى أن من أكبر الكبائر وأعظم الرذائل عقوق الوالدين فعَنْ أَبِي بَكْرَةَ- رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم-: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ» ثَلَاثًا؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ» متفق عليه.
وفي ختام خطبته بيّن الشيخ الدوسري أن صُوَرَ العقوق أكثر من أنْ تُحصى، وأنواعه أوسع من أنْ تُستقصى، من رَفْع صوتٍ وتعنيف، وتقطيب وجهٍ وتأفيف وعدم التوقير والاحترام والإغلاظ لهما في الكلام والاستخفاف بدمعة الوالدين، وتلويث سُمْعَةِ الأبوين واستفزازهما باقترافِ المنكرات وإهمال الواجبات والاستهزاء بما هم عليه من الأعراف والعادات، والانشغال بين يديهما بالأجهزة والاتصالات إلى غير ذلك من مظاهر الجحود والنكران وسوء الأدب والكفران.



