مستقبل المتاحف بين أيدينا الآن

نبض الحدث ـ متابعات
أدركت المؤسسات الثقافية على مدار الثلاثين عامًا الماضية أنها إذا أرادت جذب الأجيال الشابة فيتعين عليها مواكبة العصر سواء من حيث المحتوى المعروض أو طريقة تقديمه. وتصدرت شركة ACCIONA Cultura المشهد كشركة متخصصة في إنشاء المتاحف وتنظيم الفعاليات وتصميم وتنفيذ الديكورات الداخلية والتجارب المبهرة، وشهدت هذه التغييرات بشكل مباشر.
يصعب علينا وضع تعريفًا محددًا لكلمة “الثقافة”، وقد وضعتها اليونسكو ضمن أهدافها للتنمية المستدامة بوصفها أحد الضروريات الأساسية. فلا جدال في أن الثقافة وآثارها- مثل المعرفة والموهبة – هي المصدر الرئيسي لإثراء أي بلد. وهذا ما تنص عليه الخطة الاستراتيجية لرؤية السعودية 2030، والتي تؤمن بأن الثقافة “لا غنى عنها لجودة حياتنا” وتَعتبر الثقافة السعودية قطاعًا منتِجًا يمكن أن يفيد البلاد.
واختصارًا فالثقافة هي أساس التقدم الاجتماعي والاقتصادي، وعليه فيجب حمايتها. وكنتيجة لاحتياجها لتلك الحماية فقد تصدت المؤسسات الثقافية لحراسة موروثات البلدان المختلفة سواء كانت تلك الموروثات مادية أم غير مادية.
ولكن كيف تطورت المؤسسات الثقافية بشكل عام، والمتاحف بشكل خاص، على مدى الثلاثين عامًا الماضية كي تضمن الوصول إلى جمهورها؟ وقبل كل شيء كيف حافظت على صلتها بالأجيال الشابة-تلك الأجيال المرتبطة بأحدث التطبيقات الرقمية بشكل كبير؟ يوضح ذلك أليكس مانريسا مدير الاستراتيجية في ACCIONA Cultura قائلًا: “لقد نتجت التغييرات بشكل أساسي عن التكنولوجيا، ولكن عبر طريقين مختلفين، فقد عطلت التكنولوجيا الطريقة التي ندير بها المتاحف، وتغيرت المتاحف نفسها مع التكنولوجيا أيضًا. وعلى مدار الثلاثين عامًا الماضية أصبحت المتاحف تفاعلية بشكل متزايد وأصبحت طريقة العرض بداخلها تهدف إلى جعلها أكثر مشاركة وترحابًا، مع إتاحة الفرصة دائمًا للمتعة والمفاجآت.”
وبوصفها شركة متخصصة في إنشاء المتاحف شهدت ACCIONA Cultura -التي تأسست في التسعينيات بعد معرض إشبيلية إكسبو 92 في إسبانيا – هذه التغييرات بشكل مباشر بل وحملت لواء هذه التغييرات، سواء في طريقة تصميم المشروعات وتنفيذها، أو في الطريقة التي تزايد بها تفاعلها مع الجمهور الذي أصبح أكثر تنوعًا من أي وقت مضى. وأضاف مانريسا: “من الصعب تخيل ذلك الآن، ولكن في معرض 92 كان تنظيم كل شيء يتم عبر خطط ورقية أو مخططات مرسومة يدويًا، وكانت الطلبات لشيء معقد مثل معرض إكسبو الدولي تتم عن طريق الفاكس”. ومنذ ذلك الحين وقّعت ACCIONA Cultura عقود أكثر من 2000 مشروع في 44 دولة موزعة على قارات خمس، منها تسعة معارض عالمية بما فيها دبي 2020؛ والمتاحف الوطنية الكبرى مثل تلك الموجودة في قطر وعمان ومتحف زايد في الإمارات العربية المتحدة؛ ومشروعات بارزة مثل ” تجربة ريال مدريد”. هذه المشروعات يتزايد فيها دائمًا التركيز على الجمهور والزائرين حيث يكونون مركز هذه المساحات ويتم تشجيعهم على المشاركة. وقد لعبت التكنولوجيا أيضًا دورًا متزايد الأهمية سواء في ما لا يراه الزوار – مثل إدارة هذه المساحات – أو في موارد المعرض. وبعض الأمثلة على التقنيات التي غيرت طريقة عرض محتوى المعرض بشكل جذري هي الشاشات المسطحة والتي تعمل باللمس، وتكنولوجيا LED في الأضواء وأجهزة عرض الفيديو، والزيادة الهائلة في سعة تخزين الوسائط الرقمية.
وتابع مانريسا: “يجب أن يكون التواصل مع الأجيال الجديدة من رواد المتاحف متوازنًا بين تسخير الإمكانات العديدة التي توفرها التقنيات الجديدة وبين استخدام المحتوى الذي يجذب انتباه الزائرين من السن الصغيرة”.
وهل يعني هذا أن المتاحف مستمرة في التحول لأماكن ترفيهية يومًا بعد الآخر؟ يضيف مدير الاستراتيجية في ACCIONA Cultura: “لا يمكن للمتاحف أن تتنافس مع التحفيز والإشباع الفوري الذي ينتج عن ألعاب الفيديو ولا ينبغي لها ذلك، ولكن يجب أن تأخذ في الاعتبار ما استجد من حقائق اجتماعية وطرق اتصال واهتمامات وهوايات وجوانب حساسة. واختصارًا يجب أن تكون متاحف العصر الحديث ممتعة ومتنوعة وتشاركية وتتضمن عنصرًا معينًا من المفاجأة. يجب أن تخطف العيون.”