أداء الأسواق الأميركية والدولار والمعادن النفيسة والنفط بعد قرار الفيدرالي: التيسير النقدي يدعم الأسهم الصغيرة ويضغط على عوائد السندات

فيجاي فاليشا، الرئيس التنفيذي للاستثمار في «سنشري فاينانشال»
الأسواق الأميركية:
ارتدت الأسواق في جلسة التداول يوم أمس، إذ أغلق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مرتفعاً بنسبة 0.68% عند 6886.68 دولار، مدعوماً بخفض الفائدة البالغ 25 نقطة أساس الذي أعلنه مجلس الاحتياطي الفدرالي خلال اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أمس. ويتداول مؤشر إس بي إكس على انخفاض خلال ساعات التداول الآسيوية المبكرة اليوم، تحت ضغط من عمليات بيع حادة على سهم أوراكل.
رحّبت وول ستريت بخفض الفائدة، جزئياً لأن باول لم يبدِ معارضة شديدة لمزيد من التخفيضات كما كان يُخشى قبل الاجتماع؛ إلا أنّ الاحتياطي الفدرالي يشهد انقسامات غير معتادة بشأن مسار السياسة النقدية، مع حفاظه على نبرة تميل للتشدّد للعام 2026. وقد سعّر السوق احتمالاً بنسبة 78% بأن يُبقي الفدرالي أسعار الفائدة دون تغيير الشهر المقبل، وفقاً لعقود CME لأسعار الفائدة.
أضاف مؤشر داو جونز الصناعي نحو 1%، أو 497 نقطة، مسجلاً أفضل أداء له في يوم قرار الفدرالي منذ عام 2023. وارتفع مؤشر ناسداك المركّب بنسبة 0.3% خلال الجلسة، إلا أن عقود ناسداك 100 الآجلة تراجعت بنسبة 0.1% بعد أن هوت أسهم شركة أوراكل المتخصصة في خدمات الحوسبة السحابية المدعومة بالذكاء الاصطناعي بأكثر من 10% في التداولات الممتدة بعد أن أخفقت في تحقيق تقديرات الإيرادات ورفعت توقعات الإنفاق.
وفي أعقاب اجتماع الفدرالي، قفزت أسهم الشركات الصغيرة يوم أمس، إذ بلغ مؤشر راسل 2000 أعلى مستوى له على الإطلاق، مكتسباً 2.4% منذ بداية الشهر، متفوقاً على ستاندرد آند بورز 500. ويعود الزخم إلى أنّ انخفاض الفائدة يخدم الشركات الصغيرة بشكل أكبر، نظراً لاعتمادها الأعلى على الديون وانكشافها على التمويل قصير الأجل، وهو ما يدعم أداءها تاريخياً بعد خفض الفائدة. كما يعزّز قصة الشركات الصغيرة بنهاية العام توقعات النمو الأقوى والتضخم الأكثر اعتدالاً من قبل الفدرالي، إلى جانب إشادة باول بالتطورات الإنتاجية المدفوعة بالذكاء الاصطناعي.
ومع ذلك، فإن موقف الفدرالي المتشدد لعام 2026 يلقي بثقله اليوم على الشركات الصغيرة، فيما يفاقم الضغطَ ضعفُ أرباح الذكاء الاصطناعي. وقد أدى خفض الفائدة إلى تراجع عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار نقطتين أساسيتين إلى 4.14%، بينما انخفضت عوائد السندات لأجل عامين بنحو 7 نقاط أساس إلى 3.54%. كما تلقت السندات دعماً إضافياً بعد إعلان الفدرالي أنه سيبدأ شراء سندات الخزانة قصيرة الأجل اعتباراً من الجمعة دعماً للسيولة.
وتراجع الدولار الأميركي أمام معظم العملات الرئيسية. واشتملت خلاصة التقديرات الاقتصادية على مراجعة صعودية كبيرة لتوقعات نمو 2026، حيث ارتفع متوسط التوقعات من 1.8% إلى 2.3%. ومن المتوقع أن تضيف بيانات طلبات إعانة البطالة الصادرة اليوم مزيداً من الوضوح حول ضعف سوق العمل.
يواصل ستاندرد آند بورز 500 تلقّي دعم فوري من متوسطيه المتحركين لـ 9 أيام و20 يوماً عند 6856.85 دولار و6841.56 دولار. بينما يقف مستوى 6910 دولارات كمقاومة رئيسية للمتداولين، إذ من المتوقع أن تضغط نتائج أوراكل ونتائج برودكوم المرتقبة على المؤشر خلال جلسة اليوم، وسط استمرار المخاوف بشأن استدامة دورات الاستثمار المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
مؤشر الدولار الأميركي
تراجع مؤشر الدولار الأميركي بنسبة 0.61% في جلسة الأمس، متأثراً بخفض الفدرالي للفائدة بـ 25 نقطة أساس للمرة الثالثة على التوالي، ما دفع نطاق سعر الفائدة إلى 3.5%–3.75%. وفي جلسة صباح اليوم، يتداول المؤشر عند 98.71 دولار مرتفعاً بنسبة 0.11%، ما يشير إلى بوادر استقرار وزخم صاعد محتمل.
ولا يزال الدولار يحظى بدعم، إذ إن الأسواق قامت إلى حدّ كبير بتسعير دورة التيسير الحالية للفدرالي، كما يشير مخطط النقاط إلى خفض واحد فقط بواقع 25 نقطة أساس في عام 2026، بينما يتوقع سبعة مسؤولين عدم إجراء أي تخفيضات العام المقبل. هذا الميل المتشدد يحدّ من مخاطر الهبوط للدولار.
كما يعد منحنى العائد الحقيقي الذي يشهد حالياً مزيداً من الانحدار من أبرز المؤشرات الداعمة للدولار، إذ يشير إلى تحسّن العوائد الحقيقية وقدرتها على جذب المستثمرين الأجانب مجدداً، ما قد يدعم ارتفاعاً معتدلاً للمؤشر خلال الأشهر المقبلة.
ويراقب المستثمرون بيانات مطالبات إعانة البطالة الأميركية اليوم، والتي قد تعزز الزخم قصير الأجل للدولار إذا بقيت بيانات سوق العمل قوية.
فنياً، على الرسم البياني لـ 4 ساعات، يتداول مؤشر الدولار فوق خط اتجاهه الهابط، والذي أصبح دعماً فورياً عند 98.55 دولار، يليه مستوى 98.05 دولار (مقاومة أفقية). أما الدعم الفوري فيتمثل في المتوسط المتحرك لـ 9 أيام عند 99.04 دولار، يليه المتوسط المتحرك لـ 50 يوماً عند 99.23 دولار.
ويتداول زوج اليورو/الدولار حالياً عند 1.1684 متراجعاً بنسبة 0.10%. ويقع الدعم الفوري عند المتوسط المتحرك لـ 9 أيام عند 1.1648، بينما تقع المقاومة عند مستوى 1.1724 (مقاومة أفقية).
الذهب والفضة :
انخفض الذهب في تداولات اليوم بنسبة 0.30% إلى 4214 دولاراً، بينما ارتفعت الفضة بنسبة 0.36%.
وقد أسهمت السياسات النقدية حول العالم في تهيئة بيئة داعمة للمعادن الثمينة، حيث يستفيد كل من الذهب والفضة من عوامل بنيوية ودورية. ورغم أن نهج الفدرالي المائل للتيسير—المتمثل في خفض الفائدة بـ 25 نقطة أساس وسط خلافات داخلية—يعكس توقعات محدودة لمزيد من التخفيضات، إلا أن الذهب يتمتع بدعم بنيوي نابع من مشتريات البنوك المركزية.
أما الفضة، فتبرز كنتاج لفجوة هيكلية بين العرض والطلب، يعززها الطلب الصناعي القوي في قطاعات مثل الخلايا الشمسية والسيارات الكهربائية. ونظراً لعدم اعتمادها على اتجاهات السياسة النقدية كحال الذهب، يبدو أن العوامل الأساسية هي المحرك الرئيسي لارتفاعها المتواصل.
يتحرك الذهب (XAU/USD) ضمن مثلث صاعد على الإطار الزمني لـ 4 ساعات، مع حفاظه على دعمه الرئيسي بين 4190–4200 دولار. ويظل الاتجاه العام صاعداً، مع احتمالات اختراق نحو 4225–4230 دولاراً وربما 4250 دولاراً. أما الإغلاق دون 4190 دولاراً فقد يشير إلى تصحيح أعمق باتجاه 4150 دولاراً.
أما الفضة (XAG/USD) عند نحو 61.70 دولار، فتتميز بزخم قوي مع اختراق شبه-مستمر للمسار البارابولي وتشكيل راية صعودية. ويقع الدعم الأولي دون 61 دولاراً، مع دعم رئيسي تحت 60 دولاراً، فيما يقود اختراق مستوى 62.80 دولاراً إلى استهداف 64 دولاراً.
النفط الخام:
مَحَت أسعار النفط مكاسب جلسة أمس بعد أن صادرت الولايات المتحدة ناقلة نفط فنزويلية كانت تنقل—بحسب الادعاءات—نفطاً خاضعاً للعقوبات من إيران وفنزويلا. وتملك فنزويلا أكبر احتياطيات نفطية في العالم، وقد صدّرت نحو 586 ألف برميل الشهر الماضي إلى دول مثل الصين. ويشير هذا الإجراء إلى تشديد الرقابة، وهو ما يُنظر إليه عادة كعامل ضغط على الطلب على النفط.
وقد شكّل ذلك ضغطاً على الأسعار، متجاوزاً أي دعم كان قد نتج عن هجوم جديد شُنّ على ناقلة ضمن “أسطول الظل” الروسي من قبل أوكرانيا—وهو الهجوم الخامس على الأقل خلال الشهر الماضي وسط تزايد الشكوك بشأن نجاح محادثات السلام الجارية.
وتشير أبرز نتائج تقرير إدارة معلومات الطاقة الأميركية (EIA) إلى ارتفاع حاد في إنتاج المصافي الأميركية، مع تسجيل إنتاج الديزل أكبر زيادة منذ يناير 2019. كما يُتوقع ارتفاع الإمدادات العالمية، ما يؤدي إلى فائض يُقدّر بنحو 2.2 مليون برميل يومياً في 2026.
تراجع خام برنت بنسبة 1.22% إلى 61.91 دولار، مع دعم فوري عند 61.44 دولار، وهو مستوى يتماشى مع قيعان أكتوبر المبكر ونوفمبر المتأخر. ويقع الدعم التالي قرب 60.42 دولار، فيما تتمثل مقاومة المتوسط المتحرك لـ50 يوماً عند 63.0 دولار على الرسم اليومي.
أما خام غرب تكساس الوسيط (WTI) فتراجع بنسبة 1.37% إلى 58.16 دولار، مع دعم عند 57.68 دولار والدعم التالي عند 56.59 دولار. وتقع مقاومة المتوسط المتحرك لـ 50 يوماً عند 59.32 دولار.



